قصّة عشق مع البحر:تجاوزت الـ 75 عاما..التونسية الخالة ”زهرة” تمتهن صيد الأسماك منذ التاسعة من عمرها إلى اليوم
بعمر تجاوز الـ 75 عاما، ما تزال الخالة ”زهرة” تبحر يوميا لصيد السمك وهو العمل الذي تمتهنه منذ عقود طويلة تجسيدا لقصّة عشق مع البحر انطلقت في سنّ مبكرة عندما كانت ترافق والدها للصيد وتواصلت إلى يوم الناس هذا..
بدأت زهرة تخرج إلى الصيد في التاسعة من عمرها، حينها كانت ترافق والدها للصيد قبل أن يشتدّ عودها وأصبحت تخرج هي وشقيقتها للصيد، فيما يتولى والدها بيع ما تصطادانه في السوق.
وبعد زواجها واصلت زهرة العمل في هذه المهنة رفقة زوجها، وانضمّ إليها لاحقا أبناؤها.
رغم حبها للبحر وإصرارها على عدم ترك العمل فيه، فإن الخالة زهرة تكبدت معاناة ومصاعب جمة، فوالدها كان ضيق الحال وليس لديها إخوة ذكور حين قررت الخروج للعمل في البحر وإعالة أسرتها رغم الإمكانيات المتواضعة.
بعد 5 سنوات تزوجت زهرة من ميكانيكي بالقرية تقول إنه لم يكن معارضا لعملها في البحر خاصة أن مهنته لا تكفي لإعالة الأسرة ذات التسعة أفراد، تقول : “كنت أترك ابني الرضيع لوالده وأتوغل في البحر للصيد لكنني أحاول ألا أتأخر كثيرا، وعندما أعود إلى الشاطئ أجد زوجي ينتظرني وهو يحمل ابني الذي يبكي من الجوع فأرضعه داخل الزورق ثم أرجعه لوالده وأعود أدراجي إلى البحر وقلبي يكاد ينفطر حين أسمع بكاء الصبي، لكن الخبز مر وللضرورة أحكام…”.
تتطلب مهنة الصيد اليوم معدات متطورة كالزوارق الكبيرة ذات المحركات والشباك ذات الجودة العالية وغيرها من المعدات، إلا أن الخالة زهرة لا تملك منها شيئا، فالأرباح التي تحققها من بيع الأسماك لا تكاد تسد رمقها خاصة في ظل غلاء المعيشة، تقول “لكي تحقق مرابيح (أرباحا) لا بأس بها، يجب أن تملك معدات جيدة وأنا جميع معداتي تقليدية وشباكي بالية ولا من معين”.
ورغم كبر السن وقلة الإمكانيات فإن الخالة زهرة لم تترك مهنة الصيد واختارت أن تكون ندا قويا لسائر الصيادين، فلا تهمها مشقة العمل بقدر إصرارها على إعالة أسرتها بعرق جبينها، فهي تمثل حالة إيجابية عن المرأة التونسية المثابرة والتي تنافس الرجال في جميع المجالات تقريبا.