قصص نجاح

قصة نجاح شابة تونسية تألقت في مجال تربية الأبقار..من عارضة أزياء الى أصغر مستثمرة فلاحيّة :الفلاحة “موش عيب” (فيديو)

“انت تتصور في الشقف حارق وأنا نتصور مع بقراتي”، “انت تتصور في قلب البحر والموت داير بيك وأنا نتصور نحرث في أرضي”، “إنت من الضعف رميت روحك في البحر وأنا من الضعف صنعت قوة وعملت مشروعي الخاص”، بهذه الكلمات اختارت أسماء القماطي أن توجه رسالتها للشباب التونسي الذي اختار عدد منه الهجرة إلى أوروبا عبر قوارب الموت، و”تكبّر” على العمل في الفلاحة معتبراً أنها عمل شاق لا ربح فيه. أسماء القماطي شابة تونسية(29 سنة) تقطن بمحافظة الكاف( شمال غرب تونس)استطاعت أن تكذب هذا الاعتقاد بعد أن اختارت أن تكون فلاحة تعمل في مجال تربية الأبقار رغم صغر سنها و رغم أنها امرأة و من حصولها على الإجازة في الإنقليزية.

تمكنت أسماء من أن تصبح أصغر مستثمرة فلاحية في تونس، وأن تصبح في ظرف عامين فقط من أشهر الفلاحات العربيات، وأن تتصدر عناوين المجلات والبرامج في عدد من المحطات التلفزيونية الكبرى، وهو أمرٌ تطلب منها الكثير من العزيمة والشغف بالعمل.

لم تبدأ أسماء حياتها المهنية في مجال الفلاحة، فهي خريجة لغة انجليزية وعملت بعد تخرجها في مجال عرض الأزياء، إلا أنها لم تستمر في العمل بسبب حلم قديم ظل يراودها وهو أن تؤسس مشروعها الفلاحي الخاص، ولا يعود ترك أسماء للعمل في عرض الأزياء لـ”قلة فرص العمل”، حسب قولها.


لم يتقبل محيط أسماء العائلي هذا الاختيار في البداية، فوالدها رفض الفكرة لكنها أصرّت على إقناعه وبدأت بتربية بقرتين، “كنت أصحو يومياً في الثالثة فجراً لأقوم بأعمال الحلب والتنظيف والتعليف”. مما أقنع والدها بجدية مساعيها واقتنى لها بقرتين أخرتين وسرعان ما كبر القطيع وأصبح يضم اليوم 25 رأساً من البقر تطلق عليهم أسماء “أولادي”.

و أوضحت أنها بحثت عن يد عاملة لمساعدتها لكن دون جدوى، مشيرة أيضا إلى أنها واجهت عديد الانتقادات بسبب هذه المهنة، التي أكدت أنها “ليست عيبا” و أنها مهنة شريفة تستحق كل الاحترام.


علاقة أسماء بأبقارها ليست مجرد علاقة عادية بل هي تعيش قصة حب معها، إذ تشارك يوميات العمل في الحظيرة مع متابعيها من خلال صور تجمعها ببقراتها لتنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
مشروع أسماء الذي بدأ صغيراً أخذ يكبر مع الوقت، مما دفعها للتفكير بحلول استراتيجية تضمن استدامة واستقرار المشروع، من هذه الحلول تأمين علف الأبقار من خلال أرض والدها والتي بدأت تستغلها فتزرعها وتحرثها بنفسها باستخدام جرار زراعي كبير. وهي تطمح اليوم لأن تنشئ معمل أجبان وشركة لتصدير اللحوم الحمراء.
تقول أسماء عن التحديات التي واجهتها “في البداية تعرضت لتحديات عديدة، واجهت رفضاً من بعض الرجال الذين تواصلت معهم للعمل معي لسببين الأول أنهم يرفضون أن تكون سيدة العمل امرأة والثاني أنني أصغر منهم سناً، لكن رفضهم لم يؤثر في ولم ينقص من عزيمتي بل بمرور الوقت أصبح العديد منهم يتصل بأبي للتوسّط له للعمل عندي في مشروعي”.


لم تسلم أسماء من التنمّر حيث تروي أن بعض الشباب يقولون إن شكلها ”لا يتناسب” مع عملها، “فأنا أرتدي تنورة قصيرة في بعض الأحيان، ولون شعري أحمر وأظافري طويلة“ حسب قولها.
قدمت أسماء لمجتمعها صورة مختلفة عن الصورة النمطية للمرأة الفلاحة التي تجمع الخضر والغلال وتتقاضى أجراً زهيداً رغم الدور الذي تلعبه في إنتاج الثروة الزراعية، وعلى الرغم من هذا فالفلاحة التونسية تعمل ضمن قطاع غير مهيكل وفي ظروف قاسية نظراً لهشاشة وضعها الاجتماعي وعدم تمتّعها بالتّغطية الصحية والاجتماعية اللازمة.


بفضل شغفها وايمانها بنفسها تحصلت أسماء على العديد من الشهائد والتكريمات من طرف وزارة التشغيل.
تقول أسماء ”بالنسبة لنا لابد أن ينطلق تحسين وضعية المرأة في القطاع الفلاحي من مراجعة عميقة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية ومن تصور أفضل لدور الفلاحة في الاقتصاد الوطني والتمكين الاقتصادي للمرأة في الوسط الريفي وبإرادة سياسية في تفعيل القوانين وردع المخالفين والمنتهكين لحقوق العاملات في القطاع الفلاحي“.
تعمل النساء الريفيات في تونس كمعينات بدون أجر في الفلاحة الأسرية، أو كعاملات موسميات بأجور متدنية. وتشير الإحصائيات إلى أن 33.3 في المئة فقط من النساء الريفيات منخرطات في منظومة الضمان الاجتماعي، بينما يستوعب القطاع الفلاحي (الذي يوفر 9 في المئة من الناتج المحلي) حوالي نصف مليون امرأة عاملة.

تقول أسماء ”أكثر شيء نجحت فيه هو تغيير العقليات والاعتقاد السائد بأن العمل الفلاحي حكر على الرجل، وأن ليس بإمكان المرأة النجاح فيه، كما تمكنت من تغيير الصورة النمطية للمرأة الفلاحة التي عادة لا تهتم بشكلها، ولا تكون السلطة العليا ولا المالك في المزرعة، ويقتصر دورها فقط على جمع الخضر والغلال“.


”المرأة إذا ما توفرت لها شروط النجاح يمكنها أن تنجح وأن توفر فرص عمل من خلال مشاريع تملكها للرجال الذين يعانون البطالة أو اختاروا الانتظار في المقاهي أو الاعتصام أمام مقار المحافظات في انتظار تشغليهم من طرف الدولة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error

Enjoy this blog? Please spread the word :)