انطلق بشركة هندسة صغيرة بها 7 مهندسين فأصبحت احدى اكبر شركات الهندسة الافريقية ب1000 مهندس ..فريخة قصة نجاح تونسية (صور)
اليوم يمر شهر على نجاح عملية اطلاق اول قمر صناعي تونسي “تحدي واحد”. صورة مشرفة لتونس و خبر تناولته جميع وسائل الاعلام العربية والدولية بالاشادة والترحيب بنجاح فريق من المهندسين الشبان التونسيين المتخرجين من التعليم العمومي في تصنيع قمر صناعي مختص في مجال إنترانت الاشياء بإمكانياتهم الذاتية في واحدة من اول تجارب تصنيع الاقمار الصناعية في افريقيا والعالم العربي.
هذا المشروع الطموح والمتميز قاده المدير العام لمجمع تلنات محمد فريخة وهذا الرجل قصة نجاح تونسية في مجال التكنولوجيا والهندسة. ربما ظلمته السياسة وربما ظلم نفسه بسبب السياسة.
منذ مراحل التعليم الاولى كان محمد فريخة من المتميزين في الدراسة على المستوى الوطني وقد ترجم ذلك بحصوله على احسن معدل بكالوريا في تونس سنة 1982 ليتم استقباله من قبل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي كرمه بهذا التألق.
محمد فريخة واصل تعليمه اثر ذلك في مدرسة الهندسة الفرنسية المرموقة polytechnique ليتخرج منها بتفوق كمهندس للاتصالات ليعود اثر ذلك مباشرة الى تونس وفي باله حلم وفكرة تأسيس شركة تكنولوجيا في تونس.
سنة 1994 قام محمد فريخة بتأسيس شركة صغيرة انطلقت ب7 مهندسين وهي شركة تلنات وكانت شركة مختصة في هندسة الانظمة والبرمجيات والهندسة الإلكترونية والميكانيكية.. ومباشرة توجه فريخة بهذه الشركة نحو السوق الاوربية حيث نجح في البداية في الحصول على بعض عقود الخدمات الهندسية الصغيرة مع شركات اوروبية كبيرة لكن بفضل فريق المهندسين الشبان التونسيين تطورت هذه الشركة بسرعة وتطور فريقها ليصبح حرفائها عدد من اكبر الشركات الاوروبية على غرار طومسون، ورونو، وبيجو، وفولسفاغن وارباص وبوينغوغيرها.. هذه الشركة حققت هذه النجاحات الكبيرة وهي شركة مصدرة بالكامل لم تحصل على قروض او على اي انواع الدعم من الدولة.
في عهد بن علي كان شركة تلنات تمثل فخر لتونس في مجال التكنولوجيا وكان رؤساء الدول والحكومات عندما يزورون تونس يتحولون الى مقر شركة تلنات للاطلاع على الخدمات التكنولوجية المتطورة التي ينفذها مهندسون تونسيون في شركة تونسية ومن بين الرؤساء الذين زاروا تلنات الرئيس السوري بشار الاسد والقائمة تطول.
محمد فريخة كان ايضا من الشخصيات التونسية الفاعلة في المجال التكنلوجي وكان من الشخصيات التي امن بها الوزير الاول السابق محمد الغنوشي وقد كلفه بعديد المهام في مجال التكنولوجيا.
بعد الثورة وفي والقت الذي انكمش فيه الاستثمار في تونس بسبب اضطراب الاوضاع السياسية والامنية والاجتماعية بادر فريخة لتأسيس شركة الطياران “سيفاكس” وهي تجربة كانت في بدايتها واعدة حيث تميزت هذه الشركة بخدماتها المحترمة وانضباطها الامر الذي مكنها من الحصول على جائزة احسن شركة انضباطا في المواعيد من قبل مطار شارل ديغول الفرنسي. غير ان الشركة واجهت سنة 2015 خسائر مالية كبيرة تسببت فيها عديد العوامل خاصة الضرابات الارهابية التي استهدفت تونس (هجوم باردو وهجوم سوسة) الامر الذي تسبب في تراجع كبير لعدد السياح بالإضافة الى توقف النقل الجوي بين تونس وليبيا وقد كان احد اكثر الخطوط ربحا للشركة.
كل هذه العوامل وغيرها ادت الى تعليق نشاط شركة سيفاكس من اجل اعادة هيكلتها وانقاذها من الافلاس وامتصاص الخسائر الكبيرة التي تبدتها لتعود الشركة للنشاط سنة 2019 وقد اختارت الشركة التوجه للعمل بطواقمها التونسية وطائراتها في افريقيا جنوب الصحراء للهروب من العراقيل والاجواء الغير ملائمة في تونس. والشركة نجحت في استرجاع اغلب اطاراتها وعمالها وتسوية وضعيتهم السابقة بالإضافة لتسوية وضعية اغلب اصحاب التذاكر واعادة هيكلة ديونها.
تجربة فريخة القصيرة في العمل السياسي لم تكن موفقة حيث الحقت به الكثير من الضرر وجعلته في مرحلة معينة يكون عرضة لعديد حملات التشويه الامر الذي دفعه للابتعاد عن السياسة منذ سنة 2018 والتفرغ لعمله في مجال التكنولوجيا.
ومهما كانت التقييمات لتجربة فريخة السياسية والصعوبات اتي مرت بها شركة سيفاكس” فان محمد فريخة يبقى قصة نجاح تونسية في الصميم ..حيث انه بنى شركة تلنات التي اصبحت واحدة من اهم الشركات الافريقي والعربية في مجال الهندسة التكنولوجيات بفضل تصدير الذكاء التونسية . فريخة استثمر في اصعب المجالات ولم يختر الاستثمارات السهلة وسريعة الربح. الصعوبات والعثرات جزء من حياة الانسان لكن اعبر تكون بالتوجهات الكبرى وبالنتيجة.
مريم س