قصص نجاح

طبربة : ساعي بريد على عتبة التقاعد يحصل على الباكالوريا قبل 3 سنوات ويدعّمها بالإجازة في الفلسفة

وات – تحرير نعيمة عويشاوي – لم يختلف تاريخ 7 جويلية 2020 عن باقي أيّام شكري والي، ساعي البريد بطبربة، فرغم بلوغه خبر نجاحه وحصوله على الاجازة الاساسية في الفلسفة وهو في سنّ 58 عاما، ذلك اليوم عبر اتصالات زملائه، فقد امتطى دراجته النّارية كالعادة محمّلا بمحفظته المنتفخة بحزمة المراسلات ليسلّمها لأصحابها عبر مختلف أحياء طبربة والقابعين في محلاتهم ومقاهيهم.
امتزجت دموع الفرحة بالنّجاح لدى شكري يومها، بمشاعرالفخر والاعتزاز، وأمطره معارفه وأصدقاؤه في الشوارع والمقاهي بالتهاني وعبارات التشجيع وتثمين جهوده وإصراره، الذي تحول في طبربة الى قصة نجاح ، وبات حديث النّاس.

لم تثن مهنة شكري ولا التزاماته العائلية كأب لثلاثة ابناء، إحداهم زميلته بالدراسة والاخرى تلميذة والثالث عون سجون، عن التعلق بحلمه في اتمام دراسته، ليحصل، حسب تعبيره، على شهادة الباكالوريا في 2017، بعد الترشح لـ15 مناظرة متتالية، إثر انقطاعه عن الدراسة سنة 1985 وانتدابه كساع للبريد في مركز بريد طبربة.

انطلقت رحلة شكري مع الباكالوريا منذ 87 ولمدة خمس سنوات متتالية ، ذاق فيها مرارة الرسوب في كل مرة وتسرب الفشل الى نفسه، لكنه عاد الى التجربة مرة اخرة في مناظرة الباكالوريا 2008 ثم تتالت المحاولات دون كلل ولا ملل تحدوه عزيمته القوية وتوقه اللامتناهي الى النجاح.
تمسك بشعار من” طلب العلا سهر الليالي ” وفعلا كان النجاح حليفه فيها سنة2017 بعد التحاقه بالدراسة بمعهد تعليم خاص بطبربة شجعه صاحبه بصفة مجانية، لتكون شهادة الباكالوريا في شعبة الآداب، مفتاح حلمه نحو مزيد النجاح.
التحق شكري بمقاعد الجامعة بالمعهد العالي للعلوم الانسانية ابن شرف بعد توجيهه في شعبة الفلسفة التي اختارها ولطالما كانت حلمه الوحيد، هناك اقتسم وقته وجهده بين واجبه المهني صباحا في مركز توزيع البريد بطبربة، وبين دراسته الجامعية التي ختمها هذه الصائفة بحصوله على الاجازة في الفلسفة بملاحظة متوسط وبمعدل 10,80 .

يعتبر شكري انه وفّق بين المسؤوليتين الجسيمتين ، اذ كان يستيقظ فجرا ليراجع دروسه ثم يلتحق بعمله دون ان يهمل حاجيات عائلته ومسؤوليته الابوية، فيما كان الحمل ثقيلا على زوجته التي شجعته وشدّت أزره وسهرت على راحة الجميع موفرة ظروف مراجعة اثناء الامتحانات .
النجاح المتأخر، الذي اتى بعد مسيرة 28 سنة عمل في قطاع البريدن يعتبره شكري رسالة تحدي ولذة تستحق القتال من اجلها فنظرات التلاميذ في عمر ابنائه المتهكمة وسخريتهم من جلوسه معم في القسم ، دعمت طموحه وضاعفت رغبته في النجاح .
نظرات سرعان ما تغيرت في الجامعة لتتحول الى مشاعر احترام وتقدير من زملائه الطلبة واغلبهم في عمر ابنائه، مؤكدا انه تحول الى مصدر الهام وقصة مثابرة وتحدي وعزيمة يحتذى بها .
يؤكد شكري ان الطريق الى النجاح لن يتوقف في شهادة الباكالوريا ثم شهادة الاستاذية في الفلسفة وانه ماض قدما في درب المستحيل لانهاء شهادة الماجستير ثم الدكتوراه في مرحلة لاحقة .
سقف الطموح لدى ساعي البريد عال ولاشيء في نظره سيحول دون تحقيق احلامه وطموحاته، مؤكدا ان لذة التحدي كبيرة وفرحة النجاح المستحيل عظيمة.
وشدّد على ان ما حلم به دائما ، استحق أن يتعب من أجله ، وأنّ الباكالوريا كانت نقطة البداية الصعبة التي اقلع منها إلى النجاح، وان محطات الفشل وعلى تعددها لم تكن إلّا هزيمة مؤقتة خلقت له فرص اكبر للنجاح.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error

Enjoy this blog? Please spread the word :)