مقالات رأي

قراءة للاعمال الرمضانية بقلم الدكتور في علم الاجتماع معاذ بن نصير

بعد مشاهدتي لأغلب الأعمال الدرامية و متابعتي لنسق تواتر الأحداث و المشهد عموما ، إتضح لي أننا حقيقة نعاني من أزمة كتابة و أزمة نص ، نصوص أغلبها مستنسخة من أعمال أجنبية تواكب المتغيرات الإجتماعية لتلك البلدان و من ثمة تسقطها و تلبسها الثوب التونسي فنلاحظ عملا هجينا بمجمله.أغلب المنتجين و المخرجين راهنوا على النجوم الورقية للأنستغرام و من صنعتهم شبكات التواصل الاجتماعي و من احتلوا البلاتوات تحت مسمى “كرونيكورات” في محاولة للاستفادة من رصيدهم الجماهيري من أجل نسب المشاهدة لا غير ، نجوم ورقية لا تتقن التمثيل ، جلهم ليسوا خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية و لا يمتلكون ابسط ابجاديات المسرح أو التمثيل ، نجوم من ورق أغلب متابعيهم من المراهقين و رواد الانستغرام الذي لا تتجاوز أعمارهم العشرون سنة ، أطفالا انبهروا بلباس مشاهريهم و نوعية حلاقتهم ، فهم يتابعون هاته الاعمال لا عبر المحتوى أو المضمون او النص بل من أجل رؤية “هؤلاء” ، لكن ليعلم هؤلاء أن مآلهم الزوال و أن ما يعيشونه هي نشوة وقتية في سياق وقتي و ماهي إلا بضع سنوات و بتغيير التركيبة الديمغرافية ستفقدون متابعينكم الذين سيصبحون أكثر نضجا و قدرة على التقييم.و لهواة الأرقام و الإحصائيات أقول لكم ، لا تنبهرون ، فالأفلام الاباحية تحظى بنسب مشاهدة بالملايين و هذا إن دل على شي فهو يدل على تدني الوعي و القدرة على التقييم ، نسب مشاهدة ركيزتها اليوتوب و هذا يؤكد صحة ما قمت بتحليله ، فهؤلاء المراهقين يستحون من المشاهدة امام عائلاتهم لذا يحبذون المشاهدة المنزوية داخل غرفهم و عبر الانترنيت ، أكرر كما هو الحال مع “الأفلام الثقافية”.بان و بالكاشف أن من تكوّن على أسس صحيحة عبر خشبة المسرح و ذاق ويلات و عذاب و تضحيات المسرح بنشوتها هم من يتربعون الآن عبر أعمالهم على هرم الدراما التونسية ، فعبد الحميد بوشناق و نوبته اعتمدوا بصفة كبيرة على ابناء المعهد العالي للفنون المسرحية الذين اضافوا بصمة و روعة على العمل ككل ، فتحي الهداوي، مهذب الرميلي، الشاذلي العرفاوي و القائمة تطول و تطول …الممتع أن المشاهد أصبح يشاهد اعمالا تتطرق لماضيه و لتاريخه ، فالنوستالجي التي يعيشها التونسي سببها حالة الاحباط و التأزم التي يعيشها اليوم مع واقعه الاجتماعي و الاقتصادي و هذا ما يحسب للنوبة و لبشناق. و هنا نسحضر قروب “يا قديم” الذي مس أغلب التونسيين عبر ذاكرتهم لسنوات التسعينات ، سنوات البساطة و الحب و التضامن ، سنوات العلاقات الاجتماعية العميقة و البسيطة.على مر عشر سنوات تم حصر المشهد الدرامي التونسي في الادمان و الاغتصاب و التحرش و العنف بجميع أنواعه ، و من يقول أن هذا محاكاة للواقع ، أجيبه بأن هذا ما يسمى بإعادة انتاج ثقافي و هو أخطر من الواقع في حد ذاته ، الدراما التونسية اليوم تعيش صحوة ، صحوة نص و صحوة سيناريو و صحوة إخراج …في ما يخص حكاية “بيناتكم كومند” و تنجم ادور و ما تتفرجش و إلا حط -18 ، الحكاية هاذي حولة طول و عرض و ارتفاع لسبب واضح جدا ، اليوم الصغار و المراهقين بطبيعتهم ما يتفرجوش مع العائلة عالتلفزة و جوهم و عالمهم بين إيديهم (الانترنيت) معنتها الكومند بلها و أشرب ماءها ، عندهم اليوتوب خدام و هاك علاه نسب المشاهدة المرتفعة فاليوتوب (يخافو من والديهم و يحشمو باش يتفرجو قدامهم) ، و إلي يحكي إنه ما جبنا شي كالقمرة و هذا واقعنا، ثمة فرق ما بين محاكاة الواقع (الي باللوجيك تصير في جزء ماكس زوز) مع ضرورة طرح المشكل مثال ظاهرة الزطلة و بعد في ظل السيناريو تحاول تقدم رسالة إيجابية و فكر إصلاحي و توعوي (على سبيل المثال المدمن غلط وي و بعد تصلح و وقف على ساقيه و عاود حياته) أما إنك كعرر و عاود و اجتر الثلاثية المخطرة على أطفالنا (الجنس ، العنف ، الادمان) هوني يولي الإشكال خاصة إنك قاعد تعمل في إعادة الانتاج الثقافي (نظرية بورديو) بالعربي تشد الواقع ادخلو فالماكينة متاع الاعلام و الدراما تزينو و تعملو ماكياج و تخرجو بوقوس عاللخر يولي يجذب و يشد الانتباه و يأثر في صغارنا بطريقة كبيرة برشا و يصبح هوني أملهم الأول و الأخير يوليو كما أبطالهم الورقية إلي يشوفو فيها عبر شاشات التلفاز و الانترنيت…و خلينا نكونو واضحين صغارنا متعلقين برشا بالعالم الافتراضي و التلافز و الانترنيت عموما ، معنتها الخطر الاول عليهم هو ما تم ذكره.الاعلام عموما وظيفته نقد الواقع و من ثمة العمل على إصلاح كل ما هو سلبي من أجل إنارة الشعب و خاصة هذا الجيل.كي نتكلم خاطرني خايف على هالجيل الي كل نهار نشوف فيه يضيع و إلي كسوسيولوج نعرف إلي من بين الاسباب المباشرة للعديد من الظواهر الاجتماعية المشومة هو ما يسمى بثنائية التأثر و التأثير …ركز في كلمة ثنائية التأثر و التأثير ، الدراما الغربية لا يمكن لها تمثل سلوك الاجتماعي و النفسي للمراهقين التوانسية معنتها ما يتاثرش بيهم بحكم منطق الانتماء اللغوي و الجغرافي و السوسيولوجي يتفرج وي اما يتعدى مرور الكرام ، الدراما التونسية تعنيه فالخطاب تونسي و المحتوى تونسي و المفاهيم تونسية و الفضاء الاجتماعي ككل تونسي ، دونك يحسهم أقربلو من الدراما الغربية ، إذا مدى تأثرو بيهم يصبح أكبر و أكثر و هذا ما يسمى علميا ب Les représentations sociales التمثلات الاجتماعية.كلامي ليلكم الواعيين و الخوف مش عليكم ، إنتم تتفرجوا لاباس ما تتأثروش خاطر عمركم و نضجكم ، الخوف على صغاركم الي في عمر 12 و 13 و 14 …”معاذ بن نصير باحث في علم الاجتماع”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error

Enjoy this blog? Please spread the word :)