مقالات رأي

مشروع الشاهد الجديد والزنقة تاقف بالهارب !!

كل تجارب التاريخ تثبت ان المشاريع السياسية الكبرى تولد وسط الجماهير في اجتماعات شعبية حاشدة وتولد في الساحات وفي الاسواق وفي القاعات الكبرى، كل التجارب تثبت ان المشاريع السياسية التي تحمل في مضمونها برنامج ومعالم للنجاح تكون واضحة منذ بدايتها وواثقة في خطواتها وتعرف منذ بداية تشكلها انخراطا غير متردد لكل القوى الفاعلة فيها ، لكن كل هذا يبدوا بعيدا كل البعد على مشروع الشاهد السياسي الجديد الذي يعاني من حالة تخبط وعدم وضوح تصور وعدم وجود تحمس من اغلب القوى السياسية المؤثر للانخراط فيه.

فمنذ مدة اطلت النائبة ليلى الشتاوي ووليد الجلاد وغيرهم وصرحوا بان الاعلان عن حزب الشاهد الجديد سيكون قبل نهاية هذه السنة، هذا الاعلان تزامنت معه اجتماعات في صالونات المقاهي وفي قاعات جلوس بعض الفيلات الفخمة مثل اجتماع فيلة مهدي بن غربية تحت ا في بعض الجهات اشرف عليه سليم العزابي ورغم محاولة استعمال وزراء الحكومة لمحاولة التأثير للاستقطاب غير ان الاجتماعات كانت ضعيفة من حيث نوعية الحضور و”المكينة” تبدوا مترددة للانخراط في مشروع ضبابي في واقع سياسي ضبابي .

الشاهد ومجموعته يعيشون وضعا صعبا وهم يشاهدون الحسابات التي وضعوها قبل اشهر للسيطرة على الحكم قبل موعد 2019 و اكتساح الانتخابات القادمة تنهار امام اعينه ، فقد كانوا يعتقدون التحالف مع النهضة لمحاولة عزل الرئيس سياسيا ستجلب لهم احترام المكينة (التي في اعتقادهم ستلهث وراء المنتصر) وجزء واسع من القاعدة الانتخابية لنداء تونس والطبقة السياسية والفاعلة في المجتمع التي سترى في الشاهد ذلك الشاب الذي تمرد على الرئيس وهزمه سياسيا، واعتقدوا ان بقائهم في الحكم حتى بتواجد هام للنهضة سيسهل عليهم بناء الحزب والذهاب لانتخابات 2019 ، واعتقدوا واعتقدوا….لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن واصطدمت هذه الخطط النظرية بواقع صعب .

الواقع الاول هو ان التجربة اظهرت بالكاشف ان الرئيس الباجي قائد السبسي وبالرغم لفقدانه لكثير من الصلاحيات التنفيذية الا انه يبقى شخصية اعتبارية لدى” المكينة “التي عملت لنداء تونس قبل 2014 ولدى اغلب القاعدة الانتخابية التي صوتت لنداء تونس وان هذه القاعدة لم يعجبها السلوك الذي انتهجه الشاهد خلال تشكيل الحكومة حيث شعرت ان الشاهد حاول المس من القيمة الاعبارية للرئيس والحط منه امام حركة النهضة،ا..التجربة بينت ايضا ان القاعدة التي صوتت لنداء تونس رات في سلوك الشاهد السياسي نكران للجميل تجاه شخص اوصله لرئاسة الحكومة ولم ترى في هذا السلوك اي بطولة .

العامل الثاني الدي يجعل مشروع الشاهد الجديد يعيشر ارباكا ولخبطة هو ضعف الانجازات الحكومية التي يمكن ان تقدم للشعب، فالوضع الاقتصادي في والاجتماعي في حالة تردي اوضاع الصناديق العمومية صعبة ورقة الحرب على الفساد تم استنزافها بعد ان استعملت اتصاليا مبكرا.

العامل الثالث الذي يخنق كل حراك سياسي للشاهد هو التحالف مع حركة النهضة بمنطق قوة للنهضة، فالباجي عندما تحالف مع النهضة كان هو في موقف قوة وكانت قيادات النهضة لا تجرء على البوح باي تصريحات او مواقف مخالفة للباجي، وكانت ترضى بكل شيء يمنح لها وقد رضيت بوزير واحد في حكومة الصيد، اما اليوم فالنهضة تعطي الانطباع بانها هي التي تحكم، قياداتها لم يترددوا في وصف التجمعيين ب”القوادة” في مجلس نواب الشعب وهم يعلمون ان مشروع الشاهد الجديد وحكومته فيه عدد لا باس به من التجمعيين لكن لم يجرؤ احد باستثناء حسونة الناصفي على الرد عليهم حتى لحفظ ماء الوجه، قيادات النهضة وراشد الغنوشي لا يترددون اليوم بالتصرف كقادة للدولة من الصف الاول وانتقاد رئيس الجمهورية وانقاد المبادرات التشريعية وفرض توجهاتهم وهدا لم يكن يحدث سنوات 2015 و2016 و2016 ونكاد نجزم انه لوز تقدم الرئيس بقانون المراث سنة 2016 لكانه الغنوشي اول المباركيين بمنطق “طبس خلي الريح تتعدى” ….

العمل الرابع هو عامل سياسي حيث ان الحكومة الاخيرة مرت في البرلمان لكن لحقتها في المقابل جراح عميقة جدا، فهي الحكومة الاضعف من حيث السنة السياسي افضل وزير فيها تحصل على 133 صوت، قانون المالية مر بعسر وفقد ب113 صوت وهي النسبة الاضعف منذ انتخابات المجلس التأسيسي، قانون التقاعد والصناديق الاجتماعية سقط بطريقة غريبة…….و و و

كل هذه العوامل جعلت الشاهد ومجموعتهم في حالة ارتباك فهم مرة يتحدون عن تأسيسي حزب جديد ، ومرة يتحدثون عن العودة للنداء، ومرة اخرى يتحدثون على الانصهار في حزب مشروع تونس، لا بوصلة ولا طريق، حتى بعض استطلاعات الراي التي تنشر لصالحهم يعلم كل المتابعين للشأن السياسي ان قيمتها ضعيفة لان التجربة القريبة بينت كيف ان كل نتائج سبر الآراء كانت تضع نداء تونس في المقدمة في الانتخابات البلدية 2018وفي النهاية فازت النهضة.

الطريق التي يسلكها الشاهد ومحيطه غلب عليها الكثير من التسرع وحتى التهور ولا يمكن ان تأدي لأي نتيجة والوضع اكثر تعقيد من التصورات النظرية والاعتقاد بان سياسة “تركيح الاعلام” والتخويف والاعتمااد على الدولة والحكم سياتي بنتيجة،وهذه النتيجة ربما تكون كارثة في وضع متشعب اشبه بالرمال المتحركة الصوف يتباع بالرزانة…………….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error

Enjoy this blog? Please spread the word :)