مريم ناصري شابة تونسية جامعية تنفض الغبار عن حوش جدها البربري بدواميس السند وتحوله الى دار ضيافة تستقطب السياح من الداخل والخارج
مريم ناصري هي شابة تونسية اصيلة منطقة السند بولاية قفصة وصاحبة شهادة جامعية في اختصاص إدارة الاعمال نجحت في ان تشقّ لنفسها دربا بين الذين أدركوا وآمنوا بقيمة الموروث التاريخي والحضاري الذي نحته أجدادها الامازيغ، وبضرورة الحفاظ عليه من الاهمال، وتسلّحت بإرادة قويّة وطموح كبير لتكون أوّل إمرأة تستثمر حيث المغاور البربرية وذلك من خلال بعثها لمشروع دار ضيافة بقرية السند الجبل بقفصة اختارت لها اسم “دار الشيخ”.
هذا المشروع الذي انطلق صغيرا من حيث حجم التكلفة المادية ( 100 الف دينار تحصلت عليها في شكل قرض) وكبير من حيث تميز الفكرة والطموح ساههم بشكل كبير في ضخ نبض حركية سياحية في المنطقة ونفض الغبار عن ارث تراثي بربري كبير بقي لسنوات طويلة مهملا كما كان ايضا لهذا المشروع اسهام كبير في تصنيف منطقة السند كبلدية سياحية.
تقول مريم ان حلما روادها وكبر معها منذ طفولتها، ومنذ أن كانت تذهب لقضاء أوقات بمنزل جدّها الواقع بقرية السند الجبل على بعد حوالي 10 كيلومترات من منزل إقامة والديها بمدينة السند، يتمثل في أن تستقرّ يوما حيث استقرّ أجدادها الامازيع .
كبرت مريم وكبر معها الحلم واشترت سنة 2014 “حوش الجدود” كما يحلو لها ان تسميها أو “دار الشيخ”، الذي يفوق عمرها 200 سنة، وقامت بترميمها، واعتمدت في ذلك على إمكانيات مالية ذاتية بلغت حسب قولها حوالي مائة الف دينار.
وتحوّلت دار الشيخ بعد أشغال الترميم والصيانة من حوش مهجور آيل للسقوط إلى دار ضيافة يقيم بها زوّار منطقة السند الجبل سواء من داخل البلاد أو حتّى من خارجها .
واجهت مريم عراقيل في بداية انطلاقة مشروعها لا فقط على الصعيد المالي اذ انتظرت خمس سنوات لتوافق هياكل تمويل بالجهة في شهر فيفري الماضي على منحها قرضا بقيمة واحد مليون دينار لتوسعة مشروعها، بل هي تقول أنّها تحدّت صعوبات باعتبارها شابّة تستثمر في منطقة جبلية وعرة وفي مجال ليس من الهيّن النجاح فيه، وفي بيئة صعبة في قرية السند الجبل التي هجرها أغلب سكّانها نحو المدن القريبة أو حتى البعيدة وأضحى الذهاب إليها يقتصر على مناسبات قليلة أهمّها مهرجان المغاور البربرية الذي يقام في فصل الربيع من كلّ سنة.
اليوم مريم فخورة بما حققته الى حد الان في إطار مشروعها، فهي تعتبر أن هذا المشروع جلب إلى قريتها بعض المرافق الجماعية الضرورية التي كانت تفتفر لها مثل إيصال شبكة الكهرباء، في إنتظار أن تحظى مجالات أخرى مثل جلب مياه الشرب، وتحسين حالة الطرقات وحماية ضفاف الاودية ،بعناية من الدّولة.