بعد 5 سنوات ذهب الصحراء في الجنوب التونسي..’الترفاس’ خزان فوائد صحية ومورد رزق بتونس

سجّلت أسواق ولاية تطاوين خلال الأيام الأخيرة توفر كميات من الترفاس (الكمأة) بأسعار مرتفعة تتجاوز 150 دينارا للكغ الواحد، وذلك بعد غياب لمدة تجاوزت 5 سنوات، بسبب تواصل الجفاف.
والترفاس هو نوع من الفطر ينضج خلال هذه الفترة من السنة بعدد من مناطق الجنوب التونسي خاصة بولايتي تطاوين ومدنين ويتواصل تواجده إلى غاية شهر أفريل. ويعتبر مصدر رزق موسمي لعدد من الشباب الذين يخرجون للبحث عنه وجمعه بالمناطق الصحراوية وبيعه في تطاوين أو في ولايات اخرى وكذلك إرساله إلى خارج البلاد باعتبار كثرة الطلب عليه نظرا لجودة النوعية المتوفرة في ولاية تطاوين.
و توفر الترفاس بكثرة خلال فصل الربيع بمناطق الجنوب إثر نزول كميات هامة من الأمطار .
تتواجد الكمأة بكثرة أيضا في دول عربية أخرى، وتختلف تسميتها من بلد إلى آخر، فتسمى في تونس وليبيا والجزائر والمغرب “الترفاس”، وفي السودان “بنت الرعد”، وفي بعض دول الخليج العربي “الفقع” أو “الكمأ”.
يؤكل الترفاس بعد أن يطبخ في الماء والملح بعد تنظيفه من التراب، كما يمكن أن يطبخ مع بعض الأكلات مثل: المعكرونة والكسكسي والحساء، وهناك من يشويه على النار.
فطر بري نادر
الترفاس أو الكمأ فطر بري موسمي نادر الظهور، ينمو بعد نزول الأمطار في الصحراء تحت التربة بعمق يتراوح بين 5 إلى 15 سنتيمترا، ويكون وزن الكمأة الواحدة بين 30 إلى 900 غرام.
ينمو الترفاس بشكل يشبه حبة البطاطا، بالقرب من بعض أنواع النباتات الصحراوية وقريبا من جذور الأشجار الضخمة كشجر البلوط، ويعتبر من ألذ وأثمن أنواع الفطر الصحراوي.
والترفاس كروي لحمي رخو، وسطحه أملس أو درني، ويختلف لونهُ من الأبيض إلى الأسود والأحمر، ويكون بأحجام متفاوتة، قد يصغر بعضها حتى يكون في حجم حبة اللوز أو يكبر ليصل حجم ثمرة الرمان أو أكبر.
يعمد الباحث عن الكمأ إلى نبش الأرض وإخراج الفطر بطريقة تبدو شاقة لمن يجهلها، لكنها ممتعة لمن يعرفها، فهي تستوجب مهارة ودراية وصبرا، فهو ينمو تحت التربة ويُفقده الخدش جودته، وتدوم رحلة البحث عنه ساعات أو أياما.
وأصبح “الترفاس” يمثل مورد رزق لأهالي جنوب البلاد الشرقي، حيث يعتمد عليه عدد كبير من سكان المنطقة لتوفير المال، فيخرجون لجمعه وبيعه في الأسواق العادية أو أسواق خاصة به بعد أن أقبل الكثير من التجار التونسيين والأجانب على شرائه وتصديره إلى أوروبا وبعض دول الخليج.
منافع صحية
للكمأة منافع كثيرة اكتشفها الطب، مما جعل ثمنه باهظا جدا ومطلوبا في الدول الغربية والعربية، فهو يباع بأسعار مرتفعة تصل إلى 300 دينارا للكيلوغرام الواحد في بداية الموسم، ثم تنزل بتكاثره تدريجيا.
وللكمأة فوائد كثيرة، وقد روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين”، وكانوا يتداوون بـ”الترفاس” من ظلمة البصر والرمد، وبمائه تجلى العين ويقوى البصر، من ذلك قصة الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه الذي قال: “أخذتُ ثلاثة أكمؤٍ أو خمسا أو سبعا فعصرتُهنّ، فجعلت ماءهن في قارورة، فكحلتُ به جاريةً لي، فبرِئتْ”.
ويستخدم الكمأ أيضا لعلاج هشاشة العظام والأظافر وسرعة تكسرها، حيث يحتوي على كمية كبيرة من البروتين والمعادن اللازمة للصحة والنشاط والنمو، منها البوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور والحديد والزنك والنحاس.